My poems , short stories and thoughts

Sunday, August 30, 2009

رواية : القصر العالي


الحلقة الخامسة : رحلة عبر الباب الخلفي

(5)

لازالت الأصوات الغريبة يتردد صداها في أرجاء القصر كل ليلة . لم يشأ الكاتب أن يصدق أساطير الأهالي . في الحقيقة .. لم يكن لديه خيار سوى المكوث في القصر بعدما استولى زوج أمه على ثروته ، و لم يترك له سوى صندوق خشبي صغير يحوي بعض الخطابات التي تخص والدته الراحلة . شعر بالامتنان عندما تذكر ذلك الصندوق ، فلولاه لما وجد العقد الذي تبيعه فيه والدته هذا القصر .

بعد مرور خمسة أيام على قدومه لهذا المكان , قرر أن يضع حدا ً للحيرة التي ظلت تتنازعه بين التصديق و التكذيب . انتظر انقطاع التيار الكهربي عند انتصاف الليل ( و الذي تكرر خلال الأيام الخمسة الماضية ) .. و ارتدى معطفا ثقيلا ليتقي برودة الليل هنا عند قمة الجبل ، و حمل مصباحا ً، ثم انطلق في رحلته بحثا ًعن لوحة التحكم في الكهرباء ، علـّه يجد من يتلاعب بها .

خرج إلى حديقة القصر الميتة ، نظر نحوها في يأس ٍو فكر : " حتى لو زرعت يوما ما هذه الحديقة ، فستنبت أزهارا ًميتة " . قرر بدء البحث من الباب الخلفي للقصر ، فهو لم يقرب ناحيته من قبل . لم يكن هذا الباب شامخا كالباب الأمامي . كان صغيرا ًو عاديا ً.. خمن الكاتب : " ربما استـُخدم هذا الباب للخدم في أزمنة القصر الغابرة " ، لكن ما لم يعلمه الكاتب أنه عبر هذا الباب، و قبل أربعين عاما ، فر أفراد أسرة الباشا هربا ًمن حشود العمال الغاضبة . و عبر هذا الباب أيضا عاد الباشا أدراجه لينقذ ابنته الصغيرة من النيران ، لكنه لم يخرج منه منذ ذلك الحين ..

فتح الباب ، و لوح بضوء بطاريته لاستكشاف المكان . لاحظ وجود سُلـَّمين ، أحدهما للصعود و الآخر للنزول . قرر استخدام الأخير . نزل درجاته المتهالكة في حذر ، ليجد نفسه أمام باب ٍخشبي ٍآخر . فكر للحظات ، ثم فتح الباب متخوفا ًمما قد يجده . للوهلة الأولى ، وجد غرفة خالية . لكن بعد تمعن ٍو تدقيق ، لاحظ مولدا للكهرباء يقبع في أحد أركان الغرفة . رغم طرازه القديم ، كان من الواضح أنه استـُخدم حديثا . كانت جميع الأسلاك الخارجة منه تخترق الحائط الجانبي إلى غرفة مجاورة . و بينما كان الكاتب يفكر في كيفية الدخول لتلك الغرفة ، سمع وقع أقدام تصعد السلم الآخرفي الخارج . خرج مسرعا ًو صعد السلم ، ليجد الباب في نهايته مفتوحا ًو قد كان مغلقا ًمن قبل . عَبَرَ الباب ، فوجد نفسه في البهو الرئيسي للقصر . تنهد في يأس .. فكيف سيعثر على طريدته في بهو مظلم بهذا الاتساع ! .. و بينما هو على هذه الحال .. فوجئ بعينين حمراوين تلمعان في الظلام خلف البار جهة اليمين ..

0 التعليقات: