My poems , short stories and thoughts

Saturday, August 15, 2009

رضا



يطلب منها الطبيب النائب أن تخلع مشد الصدر لدقائق معدودة . تنظر إليه في أسىً .. فيهز رأسه مواسيا ً . تطيعه و هي مغلوب على أمرها . يتدلى نهداها في خجل . ترحل نظراتها بين عيوننا .. في محاولة يائسة لتتبين إن كنا ننظر إليها نظرة أطباءٍ يريدون العلم .. أم نظرة شباب ٍ نهم غلبت عليهم فورة الشباب . تطأطئ رأسها معلنة ً فشلها في الوصول إلى إجابة .

هي امرأة ثلاثينية . ترتدي جلبابا ً يغلب عليه الطابع الريفي بألوانه الزاهية . ترتدي من تحته بنطالا ً حتى يسترها حين تكشف لنا عن بطنها المنتفخ . بشرتها السمراء تشوبها بعض البقع الباهتة الناتجة عن سوء التغذية . لها أنفٌ أفطس ، و شفاهٌ غليظة ، و عينان واسعتان حددتهما بالكحل .

تسري القشعريرة في بدنها عندما يبدأ أحد زملائنا في الفحص بطريقة الطرق على الأصابع . يبدأ كما تعلمنا من أعلى قفصها الصدري إلى أسفله محاولا ً الحصول على حدود كبدها المتضخم . يبتسم زميلنا ابتسامة انتصار عندما يتحول الصوت الرنان عند الطرق إلى صوتٍ مكتوم ، معلنا ً اصطدامه بالحافة العليا للكبد . يهز الطبيب النائب رأسه مشجعا ً زميلنا .. و بطريقة آلية اعتدناها .. يتنحى زميلنا جانبا ً متيحا ً الفرصة للبقية .

ألحظ عينيها مغرورقتين بالدموع و هي تعاود محاولاتها اليائسة لاستكشاف بواطن نفوسنا . يغمزني زميلي بمرفقه .. فأنتبه للطبيب النائب و هو يكرر سؤاله : " هل تبقى بينكم من لم يفحص الست رضا ؟ " . تعاطفي معها يمنعني من التقدم لفحصها . نتركها و ننتقل مع الطبيب النائب إلى السرير التالي .

ترافقها عيناي وهي تخترق العنبر ، متجهة ً نحو غرفة السكرتارية ، لتقبض بضعة جنيهات ، و تسأل عن ميعاد الدرس القادم ..

1 التعليقات:

دماغوس said...

قصة رائعة
..
تسلم إيديك