My poems , short stories and thoughts

Wednesday, August 19, 2009

رواية : القصر العالي

(This picture is taken by Ewciak & Leto - Poland - source : Flicker)

الحلقة الرابعة : الثوار

(4)

قبل أربعين عاما ً
15 أغسطس 1951

المئات من عمال محاجر الجير يحتشدون عند سفح الجبل , و قد اشتعل الغضب في نفوسهم كما الشمس المشتعلة فوق رؤوسهم . وجوههم السمراء التي لوحتها الشمس , و أرجلهم الحافية , و أسمالهم البالية شهودٌ على الأيام المزرية التي عاشوها .

ظلت الحشود الغاضبة تتزايد طيلة فترة الظهيرة , حتى إذا ما استوت الشمس في كبد السماء ، كانت الحشود قد بدأت تزحف نحو قمة الجبل , حيث يتربع القصر العالي .

أطاح العمال بالسور الحديدي الذي يحيط حديقة القصر . تمزقت أزهار الحديقة تحت أقدامهم ، فكانت أولى ضحايا الهجوم . حاولوا عبثا ً اقتحام القصر لكن الباب الأمامي حال دون ذلك . أسقط العمال شجرة ليمون ضخمة ، و راحوا يدكون الباب بجذعها . مر الوقت ، و بدأ الرجال يتساقطون من التعب و الإعياء ، بينما الباب لا يزال صامدا في مكانه .

اصطبغت السماء باللون البرتقالي مُؤْذنة ً بحلول الليل ، الذي ما لبث أن أسدل ستائره . كانت قوات الشرطة قد بدأت تحاصر الجبل . علم العمال بقدومهم ، فاستعادوا همتهم . حملوا جذع الشجرة من جديد . لكن هذه المرة راحوا يضربون به أحد جدران القصر ، و الذي بدا لهم سقوطه أيسر من سقوط ذلك الباب اللعين .

بدأ الجدار في التصدع ، بينما كان أهل القصر يغادرونه سرا ًعبر الباب الخلفي . نجح العمال في إحداث فجوة دائرية في الجدار . دخل منها قلة منهم ، ثم فتحوا الباب الأمامي للحشود الغاضبة . تدفقوا كالسيول إلى داخل القصر . علت أصوات تكسر الخزف ، و ارتطام الثريات بالأرض ، و انقلاب الدواليب و قطع الأثاث .

راحت الحشود في الخارج تقذف المشاعل عبر النوافذ التي تهاوت ضلفها . بينما أسرع من بالداخل في مغادرة المكان ، و انضموا إلى رفاقهم خارج القصر . و للحظات .. وقف الجميع في خشوع ٍ و صمت يشاهدون النيران و هي تلتهم القصر .

0 التعليقات: