My poems , short stories and thoughts

Monday, August 17, 2009

رواية : القصر العالي

(This picture is taken by Ewciak & Leto - Poland - source : Flicker)

الحلقة الثانية : الكابتن

(2)

قبل ثلاثة شهور ..

لم تمنع تحذيرات الأهالي المستمرة هؤلاء الصبية من لعب الكرة في هذا المكان . فالساحة الممتدة أمام الأسوار الحديدية للقصر تملك من المميزات ما يجعل أي راغب ٍ في لعب الكرة أن يتجاهل أي تحذير . فهي ساحة فسيحة مستوية بخلاف سائر شوارع الجبل الضيقة شديدة الانحدار . كما أنها المكان الوحيد الذي يخلو من مياه الصرف ، و التي صارت علامة مسجلة لجميع شوارع المنطقة .

كان الأولاد تقريبا من فئة عمرية واحدة . تتراوح أعمارهم بين السابعة و العاشرة . يتزعمهم صبي في الثانية عشرة ينادونه جميعهم بالكابتن . كان الكابتن فارع الطول ، نحيف الجسم ، أسمر . دائما ما يرتدي قميصا ً رياضيا ً أحمر اللون يحمل اسم و رقم " أبو تريكة " . الجميع يرضخ لأمره ، و يرجعون إليه في سائر أمورهم .

يقوم الكابتن بتقسيم الأولاد إلى فرقتين . يستحوذ على ذوي المهارات في فرقته . الجميع يلاحظ ذلك .. لكن ليس بينهم من يستطيع أن يعارض . يتبقى طفل صغير في السادسة زيادة ً عن العدد ، فيضمه الكابتن إلى الفرقة المنافسة . يطفح الكيل ، و يرفض أعضاء الفرقة المنافسة ضم الطفل إليهم . يرفض الكابتن أيضا أن يضمه لفرقته . تتفاقم المشكلة ، فيحتكمون إلى القرعة بواسطة قطعة نقود معدنية . يتلاعب الكابتن في القرعة ، و يضم الطفل إلى الفرقة المنافسة ، و يضطر الجميع لقبول النتيجة .

تبدأ المباراة ، و كالعادة يتفوق فريق الكابتن بوضوح على نظيره . تحاول الفرقة المنافسة التسديد لكن دون جدوى . يجرب الطفل الصغير حظه ، فيركل الكرة ركلة سيئة تطيح بها خلف أسوار القصر . تتجمد الدماء في عروق الجميع ، لكنهم يوارون فزعهم خلف صرامة حكمهم على الصغير بأن يصحح غلطته و يأتي بالكرة . يرفض الطفل الخائف دخول القصر .. و مع استمرار ضغطهم عليه ، يبدأ في البكاء .

يتدخل الكابتن و يقرر الذهاب بنفسه للإتيان بالكرة ، لكن بشرط .. أن يتم استبعاد الطفل الصغير من كلتا الفرقتين بعد عودته .. و أن يكتفي بالمشاهدة فقط . يتنفس الجميع الصعداء ، بينما يتسلق الكابتن الأسوار الحديدية متصنعا ً الجرأة . يراقبه الجميع و قد ازدادت مكانته في نفوسهم .

يختفي الكابتن عن الأنظار خلال بحثه عن الكرة . يطول غيابه . يقترب الأولاد القلقون من السور الحديدي الصدئ لإلقاء نظرة على الغائب . تتفجر في آذانهم صرخة ً رهيبة ، ميزوا صوت الكابتن فيها . و فورا ً يلوذ الجميع بالفرار و الرعب يتملكهم .

0 التعليقات: